العلاقات بين البلدين في أدنى مستوياتها على الإطلاق. التعاون الأمني مستمر ومن المتوقع أن يستمر، لكن نشاط إسرائيل في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب زاد من التوتر وأجّج معاداة السامية المتصاعدة في المملكة.
البروفيسور رونين يتسحاق
بعد مرور 31 عامًا على توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن، العلاقات بين البلدين في أدنى مستوى لها على الإطلاق. رغم التعاون الأمني الوثيق والمصالح الإقليمية المشتركة، إلا أن الأجواء العامة في الأردن معادية لإسرائيل، والتطبيع الكامل يبدو بعيدًا جدًا.
عند توقيع اتفاقية السلام في أكتوبر 1994، حظيت الخطوة بدعم شعبي واسع في الأردن، وصل إلى نحو 80% من السكان. التفاؤل استند إلى وعود بعهد جديد في الشرق الأوسط، يشمل أفقًا سياسيًا لحل الصراع مع الفلسطينيين في أعقاب اتفاقيات أوسلو، واستقرارًا إقليميًا ونموًا اقتصاديًا يضمن للمواطنين في الأردن رفاهية اقتصادية وجني ثمار السلام.
لكن الآمال خابت سريعًا: الدولة الفلسطينية لم تُقم، والصراع مع الفلسطينيين تجدّد. كانت خيبة الأمل الشعبية كبيرة، ومنذ وفاة الملك حسين عام 1999 وصعود ابنه عبد الله الثاني، أخذ الدعم للسلام في التراجع.
اليوم، الفجوة بين المصلحة الأردنية في التعاون مع إسرائيل وبين موقف الرأي العام الأردني دراماتيكية. رغم وجود تعاون استراتيجي ضروري: الحرب المشتركة ضد الجهاد العالمي والحركات الإسلامية المتطرفة (بما فيها حماس)، والجهود المشتركة لوقف النفوذ الإيراني والمحور الشيعي في الشرق الأوسط (مع دول الخليج)، والتعاون العملياتي على طول الحدود، والتعاون الاقتصادي، بما في ذلك تزويد الأردن بالمياه والغاز من إسرائيل، إلا أن نسبة الدعم للتطبيع مع إسرائيل انخفضت إلى مستوى غير مسبوق.
استطلاع للرأي أجراه “الباروميتر العربي” ونُشر في مطلع 2025 وجد أن نسبة التأييد تبلغ الآن نحو 3% فقط – وهي أدنى نسبة على الإطلاق، والأقل بين جميع الدول العربية التي شملها الاستطلاع.
السبب الرئيسي لذلك هو غياب الحل للمشكلة الفلسطينية.
الأردن، الذي يشكل الفلسطينيون نحو نصف سكانه، ملتزم بالقضية. الملك عبد الله يسعى إلى دفع حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد للصراع مع الفلسطينيين.
فالدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل، حسب الرؤية الأردنية، لا تؤكد فقط أن الأردن ليست فلسطين – أو كما يقول الملك عبد الله: “الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين” – بل تضمن أيضًا استمرار بقاء الأردن.
نشاط إسرائيل في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب زاد من التوتر وأجّج معاداة السامية المتصاعدة في المملكة.
التصريحات الإسرائيلية المتكررة عن نيات ضم أراضٍ أو فرض السيادة في الضفة الغربية، إلى جانب استمرار البناء هناك وفكرة تشجيع طرد الفلسطينيين من غزة، تُرى في عمّان كتهديد استراتيجي حقيقي لاستقرار الأردن وهويته.
من وراء الكواليس، التعاون الأمني بين إسرائيل والأردن كما ذُكر مستمر ومتوقع أن يستمر في المستقبل، انطلاقًا من الفهم بأنه يخدم المصالح المشتركة.
يوم ذكرى اتفاقية السلام يذكّرنا بأن العلاقات بين البلدين شهدت أيضًا فترات من الأمل والتفاؤل.
ربما يمكن في المستقبل إحياء تلك الفترات من جديد.