الموساد يصدر بيانا غير عادي: الأخطبوط الإيراني بنى وحشاً في أوروبا والقارة البعيدة

معاريف

أفي أشكنازي

ترجمة حضارات


كشف الموساد عن شبكة إرهابية إيرانية بقيادة سردار عمار، عملت في أستراليا واليونان وألمانيا بين عامي 2024 و2025، ووفقًا لمصادر أمنية، شملت أنشطتها أعمال تخريب استهدفت مؤسسات يهودية ومحاولات اعتداء على شخصيات.

تُفصّل إسرائيل أساليب عمل فيلق القدس الإيراني وقائده، المسؤولين عن هجمات إرهابية كبرى أُحبطت بين عامي 2024 و2025 في أستراليا واليونان وألمانيا، وفي خطوة غير مألوفة، أعلن الموساد عن تورطه في كشف آليات إيرانية حول العالم خططت ونفذت مؤامرات لهجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية حول العالم.

ووفقًا لمصادر أمنية واستخباراتية إسرائيلية، شمل النشاط الإيراني تخريب مؤسسات يهودية وإيذاء أفراد من الجالية اليهودية.

ركّز جهاز سردار عمار الإرهابي أنشطته على مسارين: الأول هو التخريب، حيث تقوم الخلية العملياتية بأعمال تخريب وإحراق للمحلات التجارية اليهودية، وخاصةً المطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى المؤسسات اليهودية مثل بيوت حباد والمعابد اليهودية، أما المسار الثاني، والذي يستمر عادةً بعد مرحلة التخريب أو بالتوازي معها، فيشمل إلحاق الأذى الجسدي بالأهداف البشرية، وخاصةً كبار الشخصيات في المجتمع، كما هو مخطط له في محاولة الهجوم في للمانيا.

على سبيل المثال، تُفيد الأجهزة الأمنية بأنه في شهري مايو ويونيو من العام الماضي، وفي إطار مسعى إيراني لابتزاز ضحايا من الجالية اليهودية في الشتات، أُضرمت النيران في مدخل بيت حباد في أثينا ومطعم كوشير مجاور له في المدينة، وأدى تحقيق استخباراتي مُعمّق إلى اعتقال مُشغّله وخمسة من عناصر البنية التحتية التشغيلية من أصول إيرانية وأفغانية ويونانية، وقُدّم المتورطون للمحاكمة وحُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة تراوحت بين ثماني سنوات وإحدى عشرة سنة.

وقعت حادثة أخرى، بعيدًا عن أوروبا، في القارة الأسترالية ، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، حيث أُضرمت النيران في مقهى "لويس كونتيننتال كيتشن" الكوشر في سيدني، ولحسن الحظ، لم يُسفر هذا الحادث أيضًا عن أي خسائر بشرية، إذ بفضل تحقيق شامل أجرته سلطات الأمن المحلية وإنفاذ القانون، أُلقي القبض على النشطاء، ومن بينهم شخص يُدعى سعيد موسوي، الذي يُعتبر مُشغل الخلية.

ووفقًا لمصادر إسرائيلية، كانت هذه الخلية تُدار أيضًا من إيران بواسطة الجهاز الإرهابي بقيادة سردار.

لكن على الرغم من التحقيقات، لم تتوقف الجهود الإيرانية: ففي يونيو 2025، ألقي القبض على علي حسن سرواري، وهو مواطن دنماركي من أصل أفغاني جنده جهاز عمار الإرهابي، في الدنمارك. جمع سرواري معلومات استخباراتية عن شخصيات بارزة في الجالية اليهودية في ألمانيا، بما في ذلك جوزيف شوستر وفولكر بيك، وعن محل لبيع الأطعمة الحلال في برلين.

كشف تحقيق أجرته السلطات في الدنمارك وألمانيا، بمساعدة الموساد، أن سرواري سافر إلى إيران لحضور اجتماعات عملياتية تلقى خلالها تعليمات دقيقة، بعد زيارته لإيران، سافر إلى ألمانيا مع عائلته كجزء من التستر وإخفاء تورطه في النشاط الإرهابي، حيث نفذ المهام الموكلة إليه، وعند عودته إلى الدنمارك، ألقي القبض عليه، ولا تزال الإجراءات القانونية ضده.

دفعت الحوادث الإرهابية التي روجت لها إيران في ألمانيا وأستراليا حكومتيهما إلى اتخاذ خطوات سياسية صارمة، منها: طرد السفير الإيراني لدى أستراليا وثلاثة أعضاء آخرين من الطاقم الدبلوماسي، وإعلان السفير شخصًا غير مرغوب فيه، وإصدار تشريع لإعلان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية في البلاد. وكما ذُكر، ولمنع أي صلة بين النشاط الإرهابي وإيران، تُوجَّه المنظمات الإرهابية الإيرانية للعمل بتوجيهات عليا للحفاظ على مساحة من الإنكار، مما يتيح لها حرية عمل مثالية.

في إسرائيل، يُوضَّح أن هذه الآليات تُنشئ، لهذا الغرض، بنى تحتية إرهابية حول العالم، وتُمهِّد طرق الهجوم باستخدام أساليب تشغيل متنوعة، وتحرص الآليات الإيرانية على الحفاظ على مستوى عالٍ من التقسيم والفصل التام بين عناصر السلسلة العملياتية، مما يُصعِّب الربط المباشر بإيران حتى في حال الاعتقالات، فكل عنصر في المنظومة لا يعرف إلا دوره، والعلاقة المباشرة.

في الوقت نفسه، استُخدمت عناصر غير إيرانية، مثل الأفغان، على نطاق واسع في أدوار مختلفة ضمن سلسلة العمليات والتنفيذ، كمشغلين، ومسؤولين عن البنية التحتية، وجامعي معلومات استخباراتية، ومحولي أموال، وعملاء، وكان الهدف من هذه الطريقة إخفاء الصلة المباشرة بإيران، وخلق طبقة إضافية من الإنكار في حال الكشف عنها.

عنصر آخر من مفهوم العملية هو استخدام وكيل إجرامي: تجنيد مجرمين ومرتزقة محليين لتنفيذ أعمال العنف، في معظم الحالات، يجهل هؤلاء الجناة تمامًا أنهم يعملون لصالح إيران، وأحيانًا لا يدركون حتى أن الغرض من العمل، في حالات التخريب "البسيط"، هو تعزيز الإرهاب ضد أهداف الجالية اليهودية في ذلك البلد.

لتجنب رصد وكشف نوايا الهجوم، تستخدم الخلايا الإرهابية قنوات اتصال مشفرة ولقاءات سرية بين منفذي العملية والعناصر المُشغّلة في إيران.

تختلف طريقة التواصل بين الخلية التنفيذية ومنفذيها من موقع لآخر، ولكن في جميع الحالات، تُحافظ على سرية تامة، أحيانًا، يُتجنب استخدام الاتصالات الخلوية العادية (GSM) لمنع إمكانية الرصد والمراقبة، وفي بعض الحالات، يُرسل منفذو العملية إلى اجتماعات تنفيذية ومهام استقبال في إيران نفسها، كما حدث أثناء التخطيط للهجوم في ألمانيا، وفي حالات أخرى، يتلقون التعليمات عن بُعد مع الحفاظ على أنماط اتصال متطورة.

وفي الواقع، أثبتت موجة الاعتقالات والاستجوابات التي أحبطت أنشطة الجهاز الإرهابي الإيراني أن أساليب العمل المستخدمة كانت هواة، ومعقدة، ومصيرها الفشل.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025