دول الخليج في اليوم التالي للهجوم الأمريكي

معهد دراسات الأمن القومي

يوئيل جوزانسكي 

منذ اندلاع المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، تراقب دول مجلس التعاون الخليجي الست - المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر، والكويت، وعُمان - الوضع من بعيد بتوتر وقلق متزايدين. ويتمثل قلقها الرئيسي في أن يمتد التصعيد الحالي إلى أراضيها، سواءً من خلال هجوم مباشر أو غير مباشر على بنى تحتية حساسة أو قواعد أجنبية أو طرق تجارية. ورغم أن أياً من هذه الدول لا يدعم البرنامج النووي الإيراني، ويأمل أن يكون الضرر الذي يلحق بالبرنامج النووي كبيراً وطويل الأمد، إلا أنها تخشى أن يكون ثمن التدخل الإسرائيلي الأمريكي رد فعل مضاد موجه ضدها.

اعتمدت دول الخليج في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ بداية الصراع، سياسة خارجية مستقلة، تهدف إلى إظهار الحياد وعدم اعتبارها تابعة تلقائيًا لأي طرف. إن الإدانات الموجهة ضد الهجمات الإسرائيلية على إيران، بما في ذلك من قبل دول اتفاقيات إبراهام، لا تعبر عن تضامن مع طهران، بل هي محاولة لإبعاد النيران عن حدودها. تسعى هذه الدول إلى أن يُنظر إليها على أنها غير متورطة، مع فهم واضح للتفوق العسكري الإيراني عليها، فضلاً عن عجزها عن الوقوف بمفردها في وجه هجوم شامل. وبناءً على ذلك، عززت نشاطها الدبلوماسي ومحاولاتها للوساطة بين إيران والولايات المتحدة بهدف تخفيف حدة التوتر ومحاولة الحفاظ على الحياد.

حتى قبل الهجوم الأمريكي، حثّت دول الخليج الولايات المتحدة على عدم اتخاذ إجراء مباشر ضد إيران انطلاقًا من قواعدها على أراضيها، مفضلةً هجومًا محدودًا ومُستهدفًا دون تصعيد إقليمي. حتى أنها وجّهت رسائل إلى إسرائيل بعدم إلحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية الإيرانية، خوفًا من رد إيراني قد يُلحق الضرر بمنشآتها النفطية. وقد لبى الهجوم الأمريكي المُستهدف هذه المطالب من نواحٍ عديدة، على الأقل في مرحلته الأولى.

إلى جانب الخطوات الدبلوماسية، ترفع الدول مستوى تأهبها الأمني: تعزيز بطاريات الاعتراض والدفاع، والتنسيق العسكري الوثيق مع القوات الأمريكية، والاستعداد المدني لسيناريوهات التصعيد الإقليمي. ومع ذلك، فهم يدركون أنه على الرغم من كل هذه الاستعدادات، فإن أمنهم يعتمد في المقام الأول على استعداد الولايات المتحدة لردع إيران، والدفاع الفعلي عن أراضيهم في حال تعرضهم لهجوم، وتوجيه رسالة واضحة بالانتقام لأي ضرر.

تُمثل الأحداث الأخيرة اختبارًا حاسمًا للاستراتيجية المزدوجة لدول الخليج - المصالحة مع إيران من جهة، وتعميق الشراكة مع الغرب من جهة أخرى. إذا اختارت إيران تصعيد ردها واستهداف أهداف في الخليج، فسيتعين على هذه الدول اتخاذ قرار استراتيجي: إما الاستمرار في التمسك بالحياد قدر الإمكان، أو الاضطلاع بدور فاعل في تشكيل النظام الإقليمي الجديد. لا يزال هناك إغراء لاستغلال الأحداث لإعادة تموضعها كوسطاء رئيسيين، لكن هذا قد يُثير شكوك إيران ويُفاقم الأزمة. وتأمل دول الخليج أن يكون رد إيران مدروسًا ورمزيًا ومحدودًا - ردًا يحفظ كرامة إيران دون أن يجر الولايات المتحدة إلى رد واسع النطاق وحرب شاملة في المنطقة. وما دام هذا الرد قائمًا، فستواصل دول الخليج المناورة بحذر بين إيران والولايات المتحدة سعيًا للبقاء على الحياد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023