هدوء... والآن نحن نتورط

واي نت

الناقد والصحفي عيناڤ شيف

ماذا يمكننا أن نفعل إذا كانت هذه هي نفس الحكومة التي فشلت في كل وعودها الجوهرية – من معالجة "الحوكمة" مرورا بغلاء المعيشة، وحتى " على بُعد خطوة من النصر". في هذه الحالة، لا يجب أن ننتظر مرور 72 ساعة من بدء العملية لنشك، بل يجب أن نكون مشككين بعد مرور 72 ثانية فقط.

ظاهرة صمت المعارضة والإعلام النقدي في الأيام الأولى من الحرب ليست اختراعا إسرائيليا، ولم تولد بين ليلة وضحاها.

لكن الحرب التي بدأت بهجوم تاريخي على إيران تُعد حدثا استثنائيا حتى في هذا السياق: حكومة تتحمل مسؤولية فشل 7 أكتوبر وترفض تحمل أي مسؤولية عنه – سواء بتشكيل لجنة تحقيق وطنية أو بالاستقالة. حكومة تعمل بنشاط على تحطيم القطاع الذي يخدم الدولة (من خلال قانون التجنيد)، وتنسف أبسط أشكال التضامن (فيما يتعلق بملف الأسرى)، ولا تحظى منذ شهور طويلة بأي أغلبية في أي استطلاع خارج فقاعة الإعلام الموالي للسلطة – تشرع الآن في حرب ضد قوة إقليمية قديمة تضم 90 مليون نسمة، وتعلن أهدافا مشكوكا في إمكانية تحقيقها في أفضل الأحوال، وتتمسك بمصطلحات مثل "سيناريو مرجعي" فقط لكي يُمكن القول في النهاية للعائلات المفجوعة والجمهور الخائف: "كان الأمر يستحق".

وعلى الرغم من كل هذا – ولم نذكر بعد رئيس حكومة يخضع لشهادة في محاكمة جنائية، والذي صرّح سابقا أن "رئيس حكومة غارق في التحقيقات حتى عنقه، لا يمتلك تفويضا أخلاقيا أو جماهيريا لاتخاذ قرارات مصيرية للدولة" – فإن احتمالية أن نجد أصواتا في التيار السياسي أو الإعلامي السائد تطالب بتفسيرات مدروسة للأسئلة الجوهرية والملحّة، هي أقل من احتمالية الفوز باليانصيب.

أسئلة مشروعة ومُلحّة:

هل حقا لم يكن هناك خيار سوى أن تجد إسرائيل نفسها متورطة في جبهة لا تحسمها منذ ما يقارب السنتين (باعتراف القيادة السياسية والعسكرية)؟

ما هو الهدف الحقيقي؟ تدمير المشروع النووي بأكمله؟ تغيير النظام؟ تأخير المشروع؟ أم أنه "يعتمد على اليوم"؟

وهل هناك وسائل حقيقية لتحقيق هذا الهدف إن لم تنضم الحليفات الغربية إلى الهجوم؟

إلى متى تستطيع دولة (اقتصادها، تعليمها، نظامها الصحي، مجتمعها وعقلها الجمعي) الاستمرار في حرب كهذه بعد خمس سنوات من التوترات المتواصلة – من أزمة كورونا العالمية إلى عمليات غزة، حرب 7 أكتوبر والآن الحرب مع إيران؟

وهل ضمن التخطيط لهذه الحرب تم فحص خرائط المخابرات والطائرات المسيّرة فقط، أم تم النظر أيضا في خطط الوزارات المختلفة لحالة قد تستمر لأسابيع أو حتى شهور؟

ليس استسلاما، بل مسؤولية:

على عكس ما يُروّج له بعض "نشطاء الاحتجاج" في تغريداتهم المليئة بالنظريات وبعيدة عن الحقائق وبلا دعم نفسي مناسب – هذه الأسئلة جوهرية، خالية تماما من أي روح انهزامية، ولا تقلل من شأن الخطر النووي الإيراني، ولا من القدرات الاستثنائية التي أظهرتها إسرائيل.

لكن، للأسف، هذه لا تزال نفس الحكومة التي فشلت في كل وعد جوهري – من الحوكمة إلى المعيشة وحتى "نحن على وشك النصر" – مع مجلس وزاري يتكون في جزء كبير منه من مهرّجين و/أو مهووسين بالحروب.

وفي هذا السياق، لا يجب أن ننتظر مرور 72 ساعة بعد بدء العملية – مهما كانت ناجحة أو مهمة – بل يجب أن نبدأ بطرح الأسئلة بعد مرور 72 ثانية.

بدلًا من ذلك، نحصل على معارضة كانت التوقعات منها أصلًا في الحضيض، وإعلام ينقل بثا شبه موحد لساعات طويلة يتأرجح بين نشوة مفرطة، وتبرير مواقف الجيش، وفصل صارم بين الألم والمعاناة التي أصابت المواطنين المتضررين، وبين الأسئلة الجوهرية التي تطرحها الصور الخطيرة القادمة من وسط البلاد.

حتى التاريخ القريب – الذي يُظهر أن إسرائيل تعرف كيف تبدأ الحروب لكنها غالبا ما تنسى كيف تخرج منها (حتى مع أعداء أصغر بكثير) – لا يحرّك شعور الشك الصحي. هذا الشك سيظهر، كالعادة، فقط عند الشعور بالحرقة – و هذا لن يمنعها (المعارضة) حينها من الصراخ: "قلنا لكم".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023