توطئة :
منذ شن الكيان المؤقت الغاصب لفلسطين حربه على أهلنا في غزة، كرد على مفاجأة المقاومة له و(نعف) ألويته وكتائبه، وأسر جنوده في معركة " طوفان الأقصى " في السابع من أكتوبر 2023، تداعت قوى الأمة الحية؛ الشعبية منها والحزبية لمؤازرة أهلنا ومقاومينا في غزة، فبدأ " حزب الله " مناوشته وإشغاله للعدو في اليوم التالي لبدء الحرب، مطوراً دوره وأنماط اشتباكه مع العدو، وصولاً إلى الحرب الشاملة التي خاضها العدو على لبنان في السابع والعشرين من أيلول 2024، مُفتتحها باستهداف مقر عمليات السيد الشهيد، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رحمه الله، والتي ـ الحرب ـ أفضت إلى ما أفضلت له من نتاج وأمور؛ ليس محل بحثها والتفصيل فيها هذه الورقة.
كما لم يتواني العراق بفصائل حشده، ومقاومته عن مواكبة هذه المعركة، إسناداً وتأييداً. كما أن اليمن بجيشه وشعبه لم يتأخر في الالتحاق بهذه المعركة، فبدأ بإطلاق صواريخه ومسيراته باتجاه أرضنا المحتلة، وصولاً إلى تفعيل ورقة الحصار البحري على الكيان المؤقت، والتي لم يُفعّلها عندما كان عربان ممالك الرمال وحلفاؤهم يخوضون حرباً ضده على مدار ست سنوات. بل إن الدولة اليمنية ذهبت في الموقف أكثر من ذلك، عندما رفعت من سقف تحديها للعدو، معلنة أنها لن ترفع الحصار البحري عن الكيان المؤقت، مالم تقف الحرب على غزة، ويرفع الحصار عنها.
ثم تطور الموقف؛ فهب رعاة الكيان المؤقت لنجدته فأنشأوا قوة بحرية أطلقوا عليها اسم " تحالف الإزدهار" !! الهدف الرئيسي منه: رفع الحصار عن الكيان المؤقت، ولكن الاسم الحركي لهذا التحالف كان فتح الممرات المائية الدولية وإبعاد التهديد عنها!! ثم تطور الموقف إلى أن شمر ( أزعر ) الكون عن ساعد جِدّه، واستعان (بِجّدته) عجوز القارة الأوربية الممثلة بالمملكة البريطانية، في فعل صريح، ومجنداً آخرين من العجمان والعربان في فعل مخفي، تجند الجميع لشن حرب على الدولة اليمنية، مستخدمين ما يملكون من قدرات ووسائط نار، لثني هذه الدولة الأصيلة، والشعب الوفي الشجاع عن نصرة أهلهم وأهلنا في غزة، فاستشهد من استشهد، ودُمر من مقدرات الدولة اليمنية ما دمر، ولكن الموقف بقي على ما هو عليه، بل أكثر من ذلك؛ فقد قصف الجيش اليمني بالأمس عمق فلسطين المحتلة بصاروخ فلسطين الفرط صوتي، والذي تبلغ سرعته 16 ماخ، أي ما يعال الـ 20 الف كلم في الساعة!! قصف به مطار اللد الدولي أو ما يعرف بمطار " بن غوريون " فاحدث فيه وفي منظومة الكيان المؤقت؛ الرسمية والشعبية من الأثر النفسي والمعنوي، ما يفوق بمئات المرات ما أحدثه من أثر قتالي تدميري ممثل بحفرة يزيد قطرها على 30 متر، وعمقها عن الـ 25 متر. وهنا نفتح قوس لنقول: أن تركيبة الكيان المؤقت، الرسمية منها والشعبية، تترك فيها النتائج المعنوية والنفسية لأي فعل قتالي، مهما صغر وقل، تترك فيهم آثاراً أكبر بكثير مما يحدثه ويحققه من نتائج تعبوية أو تدميرية.
إلّا أن اللافت في الموقف، ليس الإطلاق ولا ما نتج عنه من آثار تعبوية أو معنوية، إنما اللافت كان فيما أعقبه من بيان للقوات المسلحة اليمنية، قرأه الناطق باسمها العميد " يحيى سريع " عندما رفع التحدي في وجه هذا الكيان المؤقت، ورعاته من عربان وعجمان، قائلا : أن الدولة اليمنية بقواتها المسلحة عازمة على فرض حصار جوي على الكيان المؤقت، إلى حين وقف القتال في غزة ورفع الحصار عنها، مرفقة وسائل الإعلام التي نشرت هذا البيان، أخبارها وتقاريرها بصورة مهيبة لقيادة القوات المسلحة اليمنية بكامل ضباطها وأركانها، وقادة صنوفها، برئاسة الرئيس اليمني " مهدي المشاط "، في مكان بدى من مظهره الأول أنه غرفة محصنة؛ أغلب الظن أنها ملحقة بغرفة عمليات وقيادة وسيطرة، تدير الدولة اليمنية حربها ضد الكيان المؤقت ورعاته منها.
إن هذا المشهد الذي جئنا على ذكره، وفصّلنا في ملابساته، وتدرجنا في متابعة تطوره، يستبطن في ( أحشائه) كثيراً من المعاني السياسية والتعبوية، تأتي هذه المقالة على ذكر أهمها، وأبرزها، والتي منها ما يأتي :