في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للعمال، يمر قطاع غزة بظروف مأساوية نتيجة للحصار الإسرائيلي المستمر، وما خلفته
العدوانات العسكرية المتعاقبة من آثار مدمرة على كافة قطاعات الحياة. هذا اليوم الذي يكرس حقوق العمال ويدعو إلى تحسين أوضاعهم، يطل على الشعب الفلسطيني بشكل
عام، وعلى العمال بشكل خاص في قطاع غزة، في وقت يعانون فيه من أشد صور الظلموالقهر، في ظل جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق
المدنيين، وأبرزهم فئة العمال.
يعيش العمال في قطاع غزة أوضاعاً صعبة للغاية
بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 18 عاماً، وما تبعه من تدمير للبنية التحتيةوالمرافق الحيوية. هذه الظروف أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة بين فئة العمال بشكل
غير مسبوق، حيث تجاوزت نسبة البطالة في القطاع 50%، مما جعل قطاع غزة من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من معدلات بطالة مرتفعة.
ومع تدمير المنشآت الصناعية، والمصانع، ومرافق
الخدمات العامة من قبل الاحتلال خلال الحروب، بات العمال الفلسطينيون في القطاع فيحالة من العجز التام عن تأمين مصدر دخل ثابت، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مع أزمة
إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة،كانت فئة العمال من أول المتضررين، فقد استهدفت إسرائيل بشكل مباشر المئات من
المنشآت الحيوية والمصانع، مما أدى إلى فقدان الآلاف من العمال لوظائفهم. بالإضافةإلى ذلك، فإن تدمير البنية التحتية في قطاع غزة بما في ذلك محطات الطاقة والمرافق
الصحية، جعل من المستحيل على العمال أداء مهامهم في بيئة عمل آمنة.
والأكثر إيلاماً هو أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف المدنيين في القطاع، بما في ذلك العمال، من خلال القصف الجوي،
واستهداف الأماكن التي يحتشد فيها العمال، مما يزيد من تعقيد الوضع ويؤدي إلى إلحاق خسائر مادية وبشرية جسيمة. إذ تُظهر التقارير الإحصائية أن العشرات من العمال
الفلسطينيين سقطوا ضحايا القصف الإسرائيلي، بينما يعاني آخرون من إصابات بالغة تمنعهم من العودة للعمل.
إن اليوم العالمي للعمال يحمل في طياته رسالة
إنسانية هامة تدعو إلى احترام حقوق العمال وتحقيق العدالة الاجتماعية، في وقت تتواصل فيه الانتهاكات الإسرائيلية التي تتجاهل أبسط حقوق الإنسان، بما في ذلك
الحق في العمل، في قطاع غزة.
يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التدخل الفوري لوقف الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني
بشكل عام، وضد العمال على وجه الخصوص. إن التوقف عن استهداف الأعيان المدنية، وعلى رأسها المنشآت الصناعية ومرافق العمل، هو ضرورة حتمية من أجل حماية حقوق العمال
الفلسطينيين وتوفير بيئة آمنة للعمل، تمكنهم من كسب لقمة العيش.
إن الحلول العاجلة يجب أن تشمل إنشاء مشاريع تنموية تهدف إلى توفير فرص العمل، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وضمان حقوق العمال
الفلسطينيين في جميع قطاعات العمل. كما يجب أن يتم توفير الدعم الإنساني لتخفيف معاناة العمال وأسرهم جراء التدمير المستمر الذي يعصف بكل جوانب حياتهم.
إننا في هذا اليوم، نؤكد على أهمية تحقيق
العدالة للعمال الفلسطينيين في قطاع غزة، ونطالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم الكافي لضمان حقوقهم الأساسية في العمل، والعيش بكرامة بعيداً عن القصف والتدمير.
نؤكد أن العامل الفلسطيني له الحق في بيئة عمل آمنة، وفي الحصول على الأجر الذي يكفل له حياة كريمة في ظل ظروف صعبة للغاية.
في الختام، نحيي عمال قطاع غزة وكل من يقف إلى جانبهم في سعيهم لتحقيق العدالة والحرية، وإن اليوم العالمي للعمال هو فرصة لتجديد الدعوة إلى الوقوف ضد الممارسات الظالمة التي يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي"
والتي تهدد مستقبل العمال الفلسطينيين في القطاع، وتجعل من توفير فرص العمل والعيش الكريم حلماً بعيد المنال.